جرائم حرب: هجمات “الجيش الوطني” وتركيا في سدّ تشرين قتلت مدنيين/ات وهددت منشأة ضرورية لبقائهم على قيد الحياة

  • خلفية:

منذ الـ8 من كانون الثاني/يناير 2025، قتل 24 مدنياً، بينهم ثلاثة صحفيين وممثل مسرحي، وأصيب أكثر من 200 آخرين خلال غاراتٍ جوية متكررة، أغلبها باستخدام مسيرات، شنتها القوات التركية المتحالفة مع فصائل “الجيش الوطني السوري” التي تدعمها، مستهدفةً سد تشرين ومحيطه، وفقاً لموقع “ميديا نيوز” الإعلامي.

ولقرابة ثلاثة أشهر، قصد مدنيون، بعضهم مدفوعاً بدعواتٍ من “الإدارة الذاتية بشمال شرق سوريا”، سدّ تشرين للاحتجاج على عمليات القصف الجوي والمدفعي على السد ومحيطه من قبل القوى المتحالفة وسط مخاوفٍ من انهياره، ولكونه عيناً مدنياً ضرورياً لبقائهم على قيد الحياة. وانطلقت أولى قوافل المحتجين متجهة إلى السد، بتاريخ 8 كانون الثاني/يناير 2025، وتم استهدافها بغارة لمسيرة تركية، ما أسفر عن مقتل خمسة مدنيين، بينهم كرم عهد شهاب، إدارية في “تجمع نساء زنوبيا“، وإصابة 15 آخرين بجروح، كما ورد في بيان لـ”الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا”.

أصبح سد تشرين، الواقع على نهر الفرات قرب مدينة منبج بريف حلب، ساحة قتال بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وفصائل من “الجيش الوطني”، بعد أن سيطرت الأخيرة على منبج في سياق عملية “فجر الحرية” التي أعلنت عن انطلاقها بتاريخ 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2024.

وواصلت فصائل “الجيش الوطني” عمليات القصف على السدّ، بالرغم من اندماجها الاسمي والفعلي في وزارة الدفاع السورية التابعة للحكومة السورية المؤقتة، بعد “مؤتمر النصر“، المنعقد بتاريخ 29 كانون الثاني/يناير 2025، وكذلك توقيع الحكومة، بقيادة أحمد الشرع، اتفاقاً مع “قسد” بتاريخ 11 مارس/آذار 2025، يقضي بـ”وقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية”، إذ شهد محيط السد قصفاً مدفعياً بالأسلحة الثقيلة بتاريخ 22 آذار/مارس 2025، فيما يبدو أنه تماشياً مع الموقف التركي من الاتفاق المذكور، إذ قال مصدر عسكري تركي أن الجيش التركي يراقب الاتفاق عن كثب وأنه “لم يُغير التزام تركيا بمحاربة الإرهاب في سوريا“، وتصميمها على على المطالبة بحل “وحدات حماية الشعب” (YPG)، أحد مكونات “قسد” الرئيسية، والتي تعتبرها تركيا امتداداً لـ”حزب العمل الكردستاني” (PKK) في سوريا، والذي تصنفه على أنه تنظيم إرهابي.

وكان السدّ قد خرج عن الخدمة منذ الـ10 من كانون الأول/ديسمبر 2024، بسبب تعرضه للضرر، وفق ما قاله المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، مضيفاً أن ذلك “أدى إلى انقطاع وصول المياه، والكهرباء  إلى أكثر من 410 آلاف شخص، في منطقتي منبج وعين العرب/ كوباني“، وهو ما أكده تقرير صادر عن “منتدى المنظمات غير الحكومية في شمال شرق سوريا“، الذي نوه إلى أن الاشتباكات بالقرب من السد عرضت نحو 20 ألف مواطن في 10 قرى مجاورة للخطر، وهو ما دفع بعددٍ من الأسر إلى الفرار من منازلها إلى قرى مجاورة، حيث “تواجه الاكتظاظ ومخاوف متزايدة بشأن الحماية”.

صدرت بيانات تنديد بالهجمات على السد من منظمات دولية عدة. في تقريرٍ يحقق ببعض الغارات على السد، قالت هبة زيادين، باحثة أولى في شؤون الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”: “أظهر الجيش الوطني السوري والقوات التركية نمطاً واضحاً ومقلقاً يتمثل في الهجمات غير القانونية ضد المدنيين والأعيان المدنية، ويبدو أن الطرفين يحتفيان بهذه الهجمات. بصفتها الداعم الرئيسي للجيش الوطني السوري، تركيا ملزمة بردع الانتهاكات التي يمارسها الجيش الوطني السوري، وإلا فإنها تخاطر بالتواطؤ في جرائمه“.

إذ تتسق الهجمات على السد، مع الهجمات ضد المدنيين والأعيان المدنية في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” بشمال شرق سوريا، والتي يشنها الجيش التركي من خلال حملات جوية مكثفة، بمسيرات وطائرات حربية، منذ عام 2022، مستهدفاً البنى التحتية المدنية، من منشآت الطاقة ومحطات توليد الكهرباء، والتي أثرت بشكلٍ عميق على وصول سكان هذه المناطق للمياه والكهرباء.

وكانت من آخر الحملات، هي التي حدثت ما بين 24 و26 تشرين الأول/أكتوبر 2024، والتي قتلت 14 مدنياً، وأعادت خلالها القوات التركية قصف مجموعة من المنشآت الحيوية كانت قد استهدفتها مراراً، ودمرتها جزئياً أو كلياً، خلال العام 2023 وبداية العام 2024.  وفي أحد تقاريرها التي تناولت الهجمات التركية، قالت لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا أن مقتل مدنيين “في هجمات جوية مُوجَّهة، ضمن نمط من الهجمات التركية بالطائرات المُسيَّرة” قد يرقى إلى “جرائم حرب”.

بدورها حذرت “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” من أنه بحال تضرر السد، “ستكون العواقب الإنسانية والدمار الناتج عن إطلاق مياه الفيضانات مدمرة وقد تسبب أضرارا جسيمة بالبيئة”، مضيفةً أنه “لا يجوز أن تكون الأعيان المدنية عرضة للهجمات أو الأعمال الإنتقامية. ولا يجوز توجيه الهجمات إلا ضد الأهداف العسكرية. سد تشرين في محافظة حلب هو جزء من البنية التحتية الحيوية في سوريا، وتتمتع السدود بحماية خاصة بموجب القانون الإنساني الدولي”.

في هذا التقرير، تورد “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” (سوريون)، تفاصيلاً عن عددٍ من الغارات وعمليات القصف التي استهدفت محيط سد تشرين، بما فيها الغارات  بتاريخ 16 و18 كانون الثاني/يناير 2025، وترصد كذلك دوافع عدداً من المدنيين الذين انضموا إلى الاحتجاجات في الموقع، مسلطةً الضوء على أهمية السد كعين مدنية، وبعض الأضرار التي تعرض لها مع تحوله إلى جبهة اقتتال. وذلك بالاستناد إلى 11 إفادة، حصلت عليها المنظمة من شهود عيان على الهجمات، جرحى أو أقارب لضحايا، وموظفين في “الإدارة الذاتية” على دراية بوضع السد، طالبوا جميعهم بإخفاء هوياتهم أو أية تفاصيل قد تدل عليها، لأسباب تتعلق بأمنهم، وعليه تم استخدام أسماء مستعارة للدالة على المصادر عند الاقتباس من إفاداتهم.

وتشكل الهجمات على السد جزءاً من معاناة سكان منبج، حيث شهدت المدينة تصاعداً بالانتهاكات، والتي شملت الإعدامات الميدانية، والقتل، والاعتقالات التعسفية، والتعذيب، بعد سيطرة فصائل “الجيش الوطني” عليها بتاريخ 8 كانون الأول/ديسمبر 2024. وذلك بالإضافة، إلى حالة شديدة من عدم الاستقرار الأمني، التي يحمل تبعاتها المدنيون أيضاً، إذ شهدت المدينة منذ السيطرة عليها، سبعة تفجيراتٍ على الأقل، أوقعت خمس منها ضحايا، وكان “أكثرها دمويةً“، الانفجار بتاريخ 3 شباط/فبراير 2025، حيث أدى انفجار سيارة مفخخة إلى مقتل 21 إمرأة ورجل واحد، جميعهم مدنيون.


صورة رقم (1) – آثار مسيرة تركية تحلق فوق جبهة سد تشرين التقطها القمر الصناعي Sentinel-2 بتاريخ 26 كانون الثاني/يناير 2025. المصدر: موقع “ذيس وييك إن نورذيرن سيريا“.

صورة رقم (2) – خارطة السيطرة العسكرية أثناء الاشتباكات في محيط سد تشرين.

لقراءة التقرير كاملاً بصيغة PDF إضغط/ي هنا.

أو أنقر هنا نسخة احتياطية

جرائم-حرب_هجمات-الجيش-الوطني-وتركيا-في-سدّ-تشرين-قتلت-مدنيين-وهددت-منشأة-ضرورية-لبقائهم-على-قيد

المصدر: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة

ظهرت المقالة جرائم حرب: هجمات “الجيش الوطني” وتركيا في سدّ تشرين قتلت مدنيين/ات وهددت منشأة ضرورية لبقائهم على قيد الحياة أولاً على Kurd Online.