سوريا: توثيق حالات اختفاء قسرية واعتقالات تعسفية في حي القدم الدمشقي
تمّ إنجاز هذا العمل بدعم من قبل الاتحاد الأوروبي. إنّ محتويات هذا العمل هي مسؤولية “مركز سيسفاير لحقوق المدنيين” و منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” وحدَهمها، ولا تعكس بالضرورة آراء الاتحاد الأوروبي.
1. ملخص تنفيذي:
يعرض هذا التقرير جملة من الأحداث والانتهاكات التي وثقتها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، والتي تسلط الضوء على حملتين استهدفتا سوريين معظمهم من أبناء الطائفة العلوية من مقيمين في “حارة العنازة/العنازي” ضمن حي القدم الدمشقي. وقعت الحملة الأولى في أواخر كانون الأول/ديسمبر 2024، فيما نُفذت الثانية بتاريخ 7 آذار/مارس 2025، بالتزامن مع بداية تصاعد أحداث العنف في الساحل السوري. أسفرت الحملتان عن اختفاء وفقدان العشرات من أبناء الحي، وسط أنباء عن تصفية عدد منهم خارج نطاق القضاء.
إضافة إلى البحث المعمّق في المصادر المفتوحة ومقاطعة المعلومات للتأكد من صحتها، يعتمد هذا التقرير الموجز على خمس شهادات مباشرة ومفصلة، تمّ جمعها بين كانون الثاني/يناير وآذار/مارس 2025، عبر مقابلات فردية أجرتها فرق التوثيق لدى “سوريون”، عبر الإنترنت، عن طريق تطبيقات تواصل آمنة، وفق بروتوكولات حماية الشهود وحفظ البيانات لتوثيق أنماط الانتهاكات المرتكبة خلال هاتين الحملتين. خلال أخذ موافقاتهم المستنيرة، اطلع جميع الشهود/المصادر على الطبيعة الطوعية للمقابلة وسبل استخدام المعلومات التي شاركوها، بما في ذلك نشر هذا التقرير، فآثر جميعهم إخفاء هوياتهم أو أي معلومات قد تدل عليها، خوفاً من أية أعمال انتقامية قد تطالهم.
تكشف الشهادات الواردة في هذا التقرير عن ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خلال الحملتين الموثقتين في حي القدم في دمشق، تمثّلت في الاعتقال التعسفي دون أوامر قضائية، والحرمان من الحرية خارج أي مسار قانوني. كما وثّقت حالات متكررة من الإخفاء القسري، عبر إنكار السلطات لوجود المعتقلين أو رفض الكشف عن مصيرهم أو أماكن احتجازهم. كذلك، وردت إفادات تشير إلى تعرّض عدد من المعتقلين للتعذيب وسوء المعاملة، جسدياً ونفسياً، بما في ذلك قُصّر. تُظهر هذه الانتهاكات نماذج من التعدي على الكرامة والحرية الشخصية، بما يخالف بنود الإعلان الدستوري السوري والمواثيق الدولية التي التزمت بها الدولة.
وتُشير الشهادات التي تم جمعها إلى أن الانتهاكات لم تقتصر على ممارسات فردية، بل تمت على أيدي عناصر ينتمون إلى فصائل مسلحة، بعضها يعمل تحت إشراف وزارة الدفاع في الحكومة السورية الانتقالية. وقد وردت أسماء عدد من الأفراد بشكل متكرر في شهادات متعددة، مما يستدعي التحقيق الجدي بشأن دورهم في هذه الانتهاكات. كما تُظهر بعض الشهادات أن عدداً من المختفين ظهروا لاحقاً في مراكز احتجاز رسمية، ما يعزز فرضية وجود تنسيق أو علم مسبق لدى بعض الجهات الرسمية. في ظل غياب مسارات واضحة للمساءلة وضعف الخطاب الرسمي في مواجهة خطاب الكراهية، تبرز الحاجة الملحة إلى تفعيل آليات محاسبة شفافة ومستقلة، تسهم في معالجة الانتهاكات الحاصلة، وتُرسّخ ثقة الضحايا وأسرهم بمسار العدالة ومنع تكرار هذه الممارسات.
وفي ضوء الطبيعة المعقدة للخلفيات الشخصية لبعض من تم توثيق تعرضهم للاعتقال والإخفاء القسري في هذا التقرير، وبالنظر إلى أن بعضهم كانوا يعملون سابقاً ضمن مؤسسات تابعة للنظام السابق، ترى “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” أهمية التأكيد على المبادئ القانونية التي تضمن المساواة في الحماية، وحقّ كل فرد بمحاكمة عادلة تستند إلى أدلة كافية. وتؤكد أن جميع الأشخاص متساوون أمام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق متساوٍ في حمايته، وأن قرينة البراءة تظل سارية إلى حين صدور حكم قضائي نهائي. وهو ما نص عليه أيضاً الإعلان الدستوري في مادته 17.
2. خلفية:
شهدت عدّة مناطق سورية خلال شهر آذار/مارس 2025 تصاعداً خطيراً في أعمال العنف ذات الطابع الطائفي، استهدفت على وجه الخصوص أفراداً من الطائفة العلوية. ووفقاً لشهادات وتقارير وثّقتها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، ترافقت هذه الحوادث مع خطاب تحريضي واسع وغير مسبوق، وحملات أمنية وعسكرية واسعة في الساحل السوري وريفَي حمص وحماة حيث تتمركز معظم التجمعات السكانية العلوية، أسفرت عن ارتكاب عمليات قتل جماعية واسعة، وأجبرت العائلات على النزوح واللجوء إلى لبنان.
إضافة للمناطق المذكورة، تتمركز بعض التجمعات السكانية العلوية في عدد من أحياء العاصمة دمشق. وتُبيّن الشهادات التي وثقتها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” لغرض هذا التقرير بأن الانتهاكات امتدت بالفعل إلى هذه الأحياء الدمشقية أيضاً، وبشكل خاص حي القدم، حيث وقعت عمليات اختطاف وعنف بحق المدنيين.
وفي هذا الإطار، يركّز التقرير على ما جرى في حي القدم الدمشقي خلال كانون الأول/ديسمبر 2024 وآذار/مارس 2025، مستنداً إلى شهادات مباشرة ومصادر محلية. ويوثق نماذج من انتهاكات التي طالت المدنيين في الحي، بما في ذلك الاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، وسوء المعاملة. كما يسعى التقرير إلى تتبّع ظروف هذه الانتهاكات، والجهات المحتملة المسؤولة عنها. وبينما لا يدّعي التقرير الإحاطة الشاملة بجميع التفاصيل، فإنه يهدف إلى تقديم رواية موثقة تسهم في كشف الحقيقة، وتؤسس لمطالبة جادة بالمساءلة وضمان عدم التكرار.
لقراءة التقرير كاملاً بصيغة PDF إضغط/ي هنا.
نسخة أخرى من التقرير
سوريا_توثيق-حالات-اختفاء-قسرية-واعتقالات-تعسفية-في-حي-القدم-الدمشقي-1
المصدر: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة
ظهرت المقالة سوريا: توثيق حالات اختفاء قسرية واعتقالات تعسفية في حي القدم الدمشقي أولاً على Kurd Online.