تقرير: معاناة عشرات آلاف المهجرين قسرًا من رأس العين تحت وطأة سيطرة الميليشيات الموالية لتركيا

رأس العين – شمال سوريا
منذ سيطرة القوات التركية والفصائل المسلحة الموالية لها على مدينة رأس العين (سري كانيه) في أكتوبر/تشرين الأول 2019، يعيش عشرات الآلاف من سكان المدينة الأصليين – معظمهم من الكرد – حالة تهجير قسري لا تزال مستمرة حتى اليوم، وسط تغييب أي أفق للعودة الآمنة، وتعرض ممتلكاتهم للنهب والتغيير الديمغرافي المنهجي.
تهجير ممنهج واستيلاء على الممتلكات
بحسب شهادات عدد من المهجرين الذين استقروا في مخيمات ومناطق متفرقة شمال شرق سوريا، فإن عملية التهجير لم تكن مؤقتة، بل جاءت ضمن سياسة ممنهجة تهدف إلى تفريغ المدينة من سكانها الأصليين، واستبدالهم بعائلات مقاتلي الفصائل الموالية لتركيا، أو نازحين من مناطق أخرى جرى نقلهم بشكل منظم إلى المدينة.

المنازل المهجورة لم تسلم من التعدي، حيث تم توزيعها على عناصر الفصائل وأسرهم أو بيعها بموجب أوراق غير قانونية صادرة عن “المجالس المحلية” التي شكلتها تركيا. إضافة إلى ذلك، تعرضت المحال التجارية والأراضي الزراعية للنهب والاستغلال، وسط غياب تام لأي سلطة قضائية محايدة أو جهة تضمن حقوق أصحابها الأصليين.
حرمان من العودة ومخاوف من الاعتقال
يؤكد العديد من سكان رأس العين المهجرين أنهم حاولوا العودة إلى مدينتهم، لكنهم قوبلوا بالرفض أو التهديد بالاعتقال من قبل الفصائل المسلحة، كما يتعرض من يتمكن من الدخول إلى المدينة لـمضايقات وابتزاز مالي أو اختفاء قسري.

“لم يعد لدينا حتى الحق في المرور من شوارع كنا نعيش فيها لعقود”، تقول “أم سوار”، وهي سيدة مهجّرة تقيم الآن في مخيم التوينة قرب الحسكة، مضيفة: “بيتنا تسكنه الآن عائلة غريبة، وأرضنا مزروعة دون إذننا، بينما نحن نعيش في خيمة لا تقي من حرّ الصيف ولا برد الشتاء.”
أوضاع إنسانية متدهورة وتجاهل دولي
أكثر من 100 ألف نازح من رأس العين وريفها يعيشون أوضاعًا إنسانية مأساوية، وسط نقص في الخدمات، وصمت دولي مقلق إزاء الانتهاكات المستمرة في المنطقة. المنظمات الدولية نادراً ما تدخل المدينة أو تحقق في ما يجري هناك، بينما تستمر عمليات التغيير الديمغرافي على الأرض بهدوء وتخطيط.
دعوات للمساءلة والعودة الآمنة
يطالب المهجرون والمنظمات الحقوقية المجتمع الدولي بـ:
إدانة عمليات التهجير القسري والاستيلاء على الممتلكات.
الضغط على تركيا والفصائل التابعة لها لوقف الانتهاكات المتواصلة.
تأمين العودة الآمنة والطوعية للسكان الأصليين إلى مدينتهم.
إعادة الحقوق والممتلكات إلى أصحابها الشرعيين.

شهادات من المهجّرين قسرًا من رأس العين: “كأننا لم نعش هناك يوماً”
خالد الحسن – 52 عاماً – مزارع مهجّر يقيم في مخيم واشوكاني قرب الحسكة
“كنت أملك 18 دونماً من الزيتون والتين، وبيتي بنيته حجراً حجراً بيدي. اليوم، شخص لا أعرفه يسكن البيت، ويأكل من رزقي. حاولت العودة، فهددوني بالاعتقال إن لم أوقّع ورقة (تنازل). قالوا: رأس العين ما عادت لكم.”
نارين عبدو – 33 عاماً – معلمة من حي المحطة الغربية
“عندما اجتاحت الفصائل المدينة، هربنا على عجل. تركت خلفي شهادات التخرج، وصور أطفالي، وكل شيء. عدت بعد سنة بجواز مرور، لكن لم يسمحوا لي حتى بدخول الحي. شعرت أني غريبة في مدينتي، وكأني لم أكن فيها يوماً.”
أبو شيار – 60 عاماً – موظف متقاعد
“البيت الذي أقمت فيه مع زوجتي 30 سنة أصبح مركزاً عسكرياً للفصيل. أرادوا بيعه في المزاد. لم أطلب سوى أن آخذ بعض الذكريات، فقالوا: المدينة محررة، وما كان لكم صار لنا. خرجت والدموع في عيني.”
سعاد حسين – 28 عاماً – أرملة وأم لطفلين
“زوجي قتل في القصف يوم دخولهم. لجأنا للحسكة، نعيش في خيمة. سمعت أن أحد المسلحين استولى على بيتنا ويؤجره. لا أستطيع المطالبة بشيء. فقط أريد أن أعود لأربي أولادي بين جدران بيتنا.”
روني جمو – شاب كردي مهجّر، فقد والده في الاعتقال
“عاد والدي إلى رأس العين ليرى بيته، فقالوا له تعال لـ(التحقيق)، ولم يخرج بعدها. بعد أيام قالوا لنا: مات بنوبة قلبية. لم نستلم حتى الجثة. دفنوه هناك ولم يخبرونا أين. صرت أخاف من مجرد التفكير في العودة.”

​المصدر: مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا

ظهرت المقالة تقرير: معاناة عشرات آلاف المهجرين قسرًا من رأس العين تحت وطأة سيطرة الميليشيات الموالية لتركيا أولاً على Kurd Online.